حذى الخيل...عمر المدني(الرشدان)....دير ابي سعيد

 
 


 

حذى الخيل

(ابو يوسف)


 

 alt

 

 

من لوحات جلجامش القديمة التي جبلت بطين الطفولة على حوش ذاكرتي " سوق الحلال". كان يوم الجمعة صباحا يعني التواجد الحتمي في سوق الحلال لنستقبل الصباح بثغاء الاغنام وصهيل الخيول ونهيق الحمير وخوار الابقار والعجول.

 

حذى الخيل والذي دأب على احتلال رقعة تجاور صخرة مدفونة بالتراب الى عنقها في الجزء الجنوبي الشرقي من سوق الحلال. كان هذا الحذى عنصرا اساسيا في السوق ولم تسجل دفاتر الذاكرة له ايّ غياب.

 

رجل خمسيني...... يعتمر شماغ ازرق (ابيض).......دكة سوداء..... ضعيف البنبة..... قوي العود .....رشيق الحركة....... عصبي المزاج..... ضيق الصدر...... نزق......مدخن هيشي، وكان يصطحبه برحلته الاسبوعيه كيس خيش متوسط الحجم يحتوي على ادوات الحذي : شاكوش احدى راسيه دائري ، مسامير مخروطية الشكل ، حذوات باشكال مختلفه، قطعة حديد كالطبر ولكنها مقعرة من الداخل ، كماشة وحبل رفيع قوي.

 

كان اصحاب الخيول تحضر خيولها الى هناك منذ ساعات الفجر الاولى للحصول على اولوية الحذي.

 

وبعد ان نمخر عباب السوق بسفينة الاستكشاف الاسبوعيه نحط رحالنا عند ميناء الحذي. نتجمع حوله دائرة او نصف دائره ثم نقرفص لنرمق كل حركة من حركاته : كيف يكشط لحم الحافر الميت بذاك الساطور المقعر ، وهي يريح ساق الحصان على اعلى ركبتيه ليسطر عليه،  كيف يستخرج حذوه مناسبه للحافر  كبف يتكلم مع الزبائن ومجموعة من المسامير بارزة من بين شفتيه. وعندما كان يندغم بالعمل كنا نتقدم شيئا فشيئا لنمد رؤوسنا بالكيس وبعضنا تجرأ ولمس اشياءه لتثور ثائرته فبزجرنا وينهرنا فنبتعد ، وكانت شتائمه لاتخلو من السب ولكن وجود المسامير بفمه تعيق من فهم الكلمات. نرتد الى الوراء ثم نعود كالسمك الذي يرى طعما لذيذا ، وبعد ان يياس يصمت ويكظم غيضه ويخفي حنقه وتنوب عيونه المتوهجه عن الحديث ولكننا لا تكترث....

 

كنت اتعمد الجلوس الى جانب جمال ابو زيتون الذي يحظى بمكانة فريده عند هذا الرجل بحكم الخوف منه او لتجنب شره او لامر في نفسه. والجلوس بجانب جمال يمنح فرصه قصوى لرؤية تفاصيل العمل الدقيقه..حتى ان جمال وبعد حلساته المتكرره بجانبه كان قد حفظ خطوات العمل لاننا كنا نراه يقوم بمناولة الرجل بعض القطع دون ان يطلب.

 

وكان يتخلل العمل احيانا اشياء غير محسوبه كأن يوخز احد المسامير لحم الحافر الحي للحصان والذي بدوره يقف في الهواء عاليا على رجليه الخلفيتين مع صهيل الم وانتقام فنفر هاربين من المجهول وعندها ينفجر الرجل باعلى صوته طلبا للابتعاد.

 

يلملم اشياءه بالكيس .......ينشطه يرميه على كتفه ثم يختفي من السوق وتكون بقايا اصوات حلال تتجمع للرحيل. وعندها نعود نحن ايضا الى بيوتنا حيث ينتظرنا الفطور وامي.

 

 

 

*** من خلال تعليقات سابقه عرفت انه من كفرابيل واسمه سالم شامان (ابو يوسف)

 

*** عرفت انه مسيحي الديانه

 

*** لا ادري ان كان حيا او ميتا

 

كل ما اريد ان اعرفه ان الماضي بقساوته هو بستان مليء بزهور الامل التي تمدنا للوقوف بهذا العالم المؤلم.

 

تمت

 

عمر المدني

 

مساء الجمعه18/1/2013

 

التعليقات

  1. ماجده طاشمان علق :

    رائعه
    واذا كان المقصود هو ابو يوسف جدي فاسمه سالم طاشمان له الرحمه

  2. رجا سليمان طاشمان علق :

    ذلك الرجل هو قريبي واسمه سالم طاشمان له معزَّةٌ عندي واحترام كبيرين ، إنتقل إلى إربد وتوفي فيها قبل بضعة سنين وما زلت على علاقه طيبه مع أبنائه الكرام وأسمائهم ، تيسير ، عيسى ، أنور ورجا على إسمي ، وشكراً

  3. Raja Tashman علق :

    ذلك الرجل هو قريبي واسمه سالم طاشمان له معزَّةٌ عندي واحترام كبيرين ، إنتقل إلى إربد وتوفي فيها قبل بضعة سنين وما زلت على علاقه طيبه مع أبنائه الكرام وأسمائهم ، تيسير ، عيسى ، أنور ورجا على إسمي ، وشكراً

  4. هشام طاشمان علق :

    رائع جدا ، الكتابة لها مقاصد وانت اخذتنا بهذا الكتاب الى زمن و مكان عاش به اجدادنا ، فلتقينا بهم و شاركناهم بعض اعمالهم وفرحنا وحزنا .
    شكراً لك.

  5. هشام طاشمان علق :

    رائع جدا ، الكتابة لها مقاصد وانت اخذتنا بهذا الكتاب الى زمن و مكان عاش به اجدادنا ، فلتقينا بهم و شاركناهم بعض اعمالهم وفرحنا وحزنا .
    شكراً لك.

  6. ahmed mosa علق :

    nice
    alert("nice")


استضافة مجانية من موقع مدونات عبر ! | الموقع غير مسؤول عن محتويات المدونة، فقط صاحب المدونة يتحمل كامل المسؤولية عن مضامينها | التبليغ عن مخالفة- Report copyright abuse | سياسة الخصوصية |نسخة الموبايل