السحبه…عمر المدني…دير ابي سعيد

السحبه…عمر المدني…دير ابي سعيد

 

كتبهاعمر المدني ، في 11 تموز 2012 الساعة: 01:20 ص

 

 

السحبه

 

 

 

ما ان يرمي الصيف وشاح غيظه وعباءة حنقه حتى يكون ذلك اعلانا واضحا لقدوم العطلة الصيفيه. تكون دوسيات الامتحانات قد علقت على اشواك الطرقات وطارت اوراق الامتحانات بعد تفتيتها على باحات الجيران.

تكون الطلبه قد خاضت مفاوضات واستشارات عن المشاريع الصيفيه القادمه ، كل يقدم ورقة عمل الا ان السحبه تلك الايام كانت تجوب الشوارع والازقات تحت سياط الحر كافضل المشاريع.

تتدلى السحبة امام صدر الولد مزركشة يتوسطها بالون كبير حجمه حبة (يقطين) والى جانبه بالونات صغار الحجم والى الاسفل من طبق السحبة يظهر بالونات على شكل (اجاصه) وبعضها على شكل (بطه).

كانت الباعة ماهرة في عرض بضاعتها من اجل صيد الزبائن. كانت اصواتهم تزمجر في حر الظهيرة " اربح بالون كبير اركب عليه وطير" وعند قدوم احدهم للشراء كان يصطحب معه شلة من الاصدقاء من اجل الاستشاره. كانت الاصوات تتداخل بتقديم النصائح " هاي….هاي…اسحب هاي ، عد سته لتحت واربعه لليسار واسحب على عاتقي……". يرضخ الشاري الى راي احدهم وعند فتح الورقة المخفيه يتفاجأ الشاري بالرقم. يضم البائع قبضته من تحت الكيس الواقي ويقطف البالون فيخرج ذلك الصوت الذي يشبه قطف حبة فقوس. عندها تنفجر الاصوات المعاتبه " مش قلت لك خذ الزاويه، مش قلت لك عد سته واربعه لليسار…" امام دهشة وصعقة الخيبه يصمت الشاري فينفخ البالون ويرمق صغره وعادة كان يعطيه لاحدهم " بديش اياه" . يترك الولد البائع الجمع ويغوص في زحمة الحارة " اربح بالون كبير اركب عليه وطير".

تتطور الاحداث فتظهر (سحبة البوش) …بالونات بنفس الحجم مثبته على طبق السحبه كالاصابع الملونه ولكن النداء تغير ايضا الى " جرب حظك …جرب حظك". كان الصراع يحتدم بين البائع والشاري اذا ما اصر الاخير على رفع ورقة الارقام الى عين الشمس بحجة ان الشمس قادرة على هتك غشاء الارقام المخفية وفضحها.

 

n           في النوع الاول كان بعض الباعه يقومون باجراء وقائي كانوا يقومون باستخدام لوكس يدوي وتحت اللحاف يستطيعوا ان يستدلوا على الرقم (10) اكبر البالونات ليقوموا باتلاف ورقته من السحبه وبهذا يكون قد ضمنوا جاذبية مستمرة لسحبتهم وحدثت مرات ان البائع يفشل باخراج ال(10) وعليه بقوم بثقب البالون بدوس ليفسد متعة صاحب الحظ وعند سؤاله كان يرد " هيك اشتريتها"

n             شوهد بعض الاولاد عند العصاري يحملون سحبتهم وفيها بالونات معدوده صغيره وما زال بالون رقم (10) يتصدر المجموعه بكبرياء

n           مراهنات ماكرة كانت تجري بين البائع وشاري موسر " انا بدي اسحب كل الاوراق حتى يطلع ال (10) واذا ما طلع مافيش مصاري". هنا تهيج فرحة المتفرجين بهذا الرهان. فاذا ما حصل فهو احد متع الصيف واذا تم الاعتراض من قبل البائع فيكون ذلك اشارة واضحه الى ان ال(10) مسحوب رغم الايمان التي يقطعها البائع بالعدم

n           كان ثمن السحبة40 قرشا وفيها 60 بالونا. ….اي ان 20 قرشا اجرة للقيظ والحر والجمر؟ كلا انها 20 رعشة قلب مليء بالفرح.

n           هناك اسماء كانت تطرح في الحارة على انهم لهم القدرة على اخراج ال(10) وعند استشارتهم كانوا يرفضون المساعده ليحافظوا على سمعتهم في المعرفه.

n                     ايام جميلة كانت تستقبل نهارها دون مكياج وتركض في مداراتها دون قناع.

 

 

 

تمت

عمر المدني

مساء الثلاثا 26/6/2012

 

  1. ما شاء الله ذاكرة رائعة قادرة على تصوير لعبة السحبة بكل دقائفها ونفاصيلها نعم نحن لم نلحق هذه ولكن حقيقة جعلتني أتصورها بكل وضوح ماثلة أمامي وأطفال الحي يهرولون نحو بائع السحبة لعلهم يظفرون ببالون نمرة - 10- الذي يتوسط السحبة وينميز بكبر حجمه
    أبدعت عمي عمر بتصوير الخديعة التي بعمد اليها صاحب السحبة في أنه يخرج بطريقة ملتوية الورقة رقم -10- وبالتالي يطمئن ان السحبة تبقى حتى اخر بالون تقريبا وما زال بالون ابو العشرة متدليا ويتوسطها ولكن هذه الحيلة ما ليثت ان انكشفت عند جموع الاطفال فسحبة تحتوي على عدة بالونات صغيرة ويتوسطها ابو العشرة فيها (ان) بكسر الالف .. فتجد ان الاطفال عندئذ يحجمون عن الشراء منه باحثين عن بائع اخر
    يروي لي ابي انه كان واحد من الاغرار يشتري سحبة وكالة وبجهلة وبساطته لا يعرف طرق الالتواء التي تخرج رقم -10- من السحبة فيتلقفه واحد من المشترين ويكون معه رقم -10- مسبفا فبالتالي يسحب سحبة أو اثنتين فيخرج بالون العشرة بطريقة غير شرعية تقوم على استبدال الرقم الحقيقي برقم 10 الموجود معه مسبقا
    ولكن سرعان ما كان يكتشف مثل هؤلاء الذين ينهجون هذا النهج فأصبح الاطفال يتجنبوابيع مثل هؤلاء ( اوعا تبيعه اسع بطلع بالون ابو العشرة )
    بقي القول أن مثل أولئك الاغرار الذين كانوا يقعون في هذا الفخ اي ان سحبتهم سلب منها بالون العشرة وهي ما زالت بكرا … تكسد لديهم فالاطفال ينؤون عن الشراء منهم لان الطفل كان يسحب وكل أمله بالبالون الكبير
    شكرا على تصويرك لهذه اللعبة ولارثك التراثي المختزن في ذاكرة متقدة ندعو البارىء أن يحفظها وصاحبها لينقل لنا تلك الحقبة الزمنية الغابرة لعلنا نحن( جيل الشبس والفيس بك) نجد فيها ملاذا في ماض جميل يبدد لنا حاضرنا المتكدر البائس

    مؤنس الرشدان
    مدرسة دير أبي سعيد الاساسية
    11-7-2012
    21 شعبان 1433 ه

  2. لي ملاحظة على من يعلق على المدونة ويكون من مواليد 2001 ثم يتخيل كيف كان وما كان،وابوه قله وجده خبره،وكانت ايام حلوة وما حلوة! هذه المدونة وضعت ليتذكر الجيل الذي عاصرها ايام زمانه ويضيف لنا ما يذكره من تلك الحقبة ثم يستمتع الجيل الجديد ان اراد بالسرد القصصي للاحداث. وخلاف ذلك ستفقد المدونة بعضا” من بريقها حتى يملها الناس وتنتهي وأشعر انها ابتدأت

  3. اخي مجهول بعد التحيه
    اشكرك كل الشكر على اهتمامك ولكني اود ان الفت انتباهك الى ان المعلق المقصود هو اسم مستعار لااكثر
    وشكرا لمرورك وملاحظاتك

  4. السلام عليكم جميعا
    من خلال متابعتي للمدونة اتذكر الترابط والتقارب بين الجميع في تلك الفترةفالاحداث التي يذكر ها على سبيل المثال ابن البلد هي نفس الاحداث التي مر بها الجميع او والتي يذكرها ابو اسامة هي مكملة للاحداث التي يذكرها الاخ عمر.والمتابع لهذه المدونة او قارئهايشعر وكأنه صاحب هذه الافكار فهي تعبير عن كل شخص عاش تلك الحقبة
    السوال هنا هل هذا التشابه في الالعاب والاحداث والتقارب
    موجود بين جيل اليوم اعتقد ان ابن العم لايعرف عن ابن شيء فهو ربما لايراه الافي العيد

  5. اشكرك اخي العزيز عمر المدني اعدتني الى ايام الطفولة حيث كنا لا تهتم الا برقم 10 و الهروب من بعض الاولاد البلطجية و نصب بعض الكبار حيث كنا نسمع الاولاد الحارة الفلانية كلهم معهم مصاري ومحديش منهم ببيع افضل فرصة اكثر بيع عندهم و تكون المسابقة في تمشيط تلك الحارة جيئة و ذهاب و اعلاء الصوت مرة بعد مرة و اصدار الكثير من الحجج حتى نجد من يشتري
    وها تتذكر لعبة الفنة على باكيتات الدخان الفارغة ريم و جولد ستار و توب تونتي و فيلادلفيا و غيرها

  6. altمحمود بني حمد قال:

    احسنت وابدعت

 


استضافة مجانية من موقع مدونات عبر ! | الموقع غير مسؤول عن محتويات المدونة، فقط صاحب المدونة يتحمل كامل المسؤولية عن مضامينها | التبليغ عن مخالفة- Report copyright abuse | سياسة الخصوصية |نسخة الموبايل