سراحة…عمر المدني…دير ابي سعيد

سراحة…عمر المدني…دير ابي سعيد

 

كتبهاعمر المدني ، في 8 تموز 2012 الساعة: 13:12 م

 

 

سراحه

 

 

 تعبيريه

 

في البعد الضارب عميقا في الحنين المنسي كان عندنا سبعة رؤوس من الاغنام وكانت هذه الاغنام تتحمل جزءا كبيرا من اقتصاد المنزل وميزانيته –لبن- حليب-رايب-زبده-سمنه-كشك-لحمه-جاعد-لبنه-بركه وحب.

علي الطالب ممثلا بابنه رضوان كان راعيا لاغنامه واغنام البلد مقابل اجر زهيد…..رضوان عشريني او ثلاثيني قست عليه الحياة فبترت يده وصبغته بلون الشقاوة فبان كانه عبد منسي من صحراء الجاهلية الاولى.

كان علي الطالب قاسيا في الاوامر على رضوان حتى انه لم يتوانى عن نعته بالقاب وصفات مشينه امام صمت الاخير الذي ارتضى وقتئذ ان يكون من الصابرين الكاظمين على قهر الليالي وغيظ الايام.

كانت اغنامنا السبعه جزءا لايتجزأ من حياتنا حتى انها كانت تحمل اسماء بشريه تعبيرا عن ودنا وحبنا لها……وكانت تتلقى في حوشها كل الرعاية والاهتمام من الجميع من ناحية علفها وتفقدها من الماء.

وتقسيما للمهمات الملقاه على عاتقنا فكان كل صباح يتكفل احدنا بسوقها (تقليطها) الى مراح علي الطالب في الحارة الفوقا. كنت دائما كسولا في الصحو(خاصة في فصل الشتاء) واتلقى دوما فيضا من سيل التوبيخات من قبل والدي لا يخففه الا تدخل امي الحنون حتى انه في ايام كثيرة كانت هي نفسها قد قامت بالمهمه عندما كانت ترمقننا نغط في الاحلام…

تتجمع الاغنام في المراح امام نظر علي الطالب الذي اعتاد على الجلوس على حافة الطريق الاسفلتي المعتلي عن الاطاريف كانه مجلس قذّ من حجر كمقاعد ام قيس.

ما كان يدهشني كثيرا رؤية كبار السن على يمين ويسار علي الطالب لاتساءل دوما كيف ضحوا هؤلاء بدفء الفراش دون مقابل !!!.

وفي بعض الاحيان كان علي الطالب يناديني من كرسيه العالي ليبدي ملاحظات لاتخلو من سلام على ابي او ملاحظة عابره عن احد الرؤوس كقوله : ( اخروا العنزه البيضاء بالدار …..او…..حطوا لعنزتكو شمله)…تنتقل شرارة الحديث الى الجالسين الذين بدورهم يتساءلون عن ابي وعن صحة جدي ويكون ذلك بعد التعرف على هويتي.

وبعد ان تحين ساعة الانطلاق يعطي علي الطالب اوامره الى رضوان الباحث عن حريه مفقوده  ( اسرح مغرب اليوم) وهو يكون ضمنا قد مرر معلومة لنا كي نستقبل الاغنام مساء من جهة الغرب.

تتهادى الاغنام المجتره تاركة المراح صوب الغرب وتاركة في المكان غبار يتعالى كانه اتحاد مع الاثير ليمنع اشعة الشمس من الوصول.

يخلي الجمع سراحي واعود الى البيت وخلفي اصوات متداخله من حديث الرجال واصوات الاجراس وثغاء الاغنام المبتعده.

اصل البيت حانقا فلا ابلغ ابي سلامات ابي طالب احاول ان الحق اخر جيوب الدفء اندس تحت الحلم المتبدد وانام لاصحو على فطور المدرسه…جبنه بيضاء وزبده وزيت وزعتر وشاي وحب امي.

نتهيأ ونحث الخطى صوب مدرسة ( ام  جمال الملاح) في الحارة الفوقا وعند عبورنا الطريق المتصاعد الى المدسه كنت القي نظره على المراح الخالي والى مكان الرجال الفارغ الان ….واتابع.

عند المساء كنا نقف عند اول منعطف سيتم فيه فرز الاغنام وكان بابور ابو نوح عادة تجمعا لمعظم اصحاب الاغنام وفيه مرات كثيره كنا نرى حمارا اول الاغنام وفي خرجه ثغاء جدي صغير وعرفنا فيما بعد ان احد الاغنام قد ولدت في السهل فتنهل سريرة المنتظرين مع صلوات على النبي(عليه السلام).

كانت الاغنام بغريزتها تحرف مسارها نحو البيت نباريها بحذر خوفا من تدخل اولاد الحاره المعتادين على مطاردتها او حتى الركوب عليها حتى تصل الى حوشها…..تشرب وتضع راسها في المعلف لتاتي امي لحلبها بمساعدتنا في بعض الرؤوس النزقه.

يا الله ما اروع تلك الايام !!!!!!!!!!!!!!! ما اروع المراح!!!!!!ما اروع رضوان!!!!!!!!!!!!!!وابيه والكبار والمكان والغبار والذكرى!!!!!.

واليوم اجزم ان كل حليب الدنيا لا يعدل كاسا مغليا تسكبه امي لنا…

·        كانت الاجره 40 قرش على الراس شهريا

·        كان علي الخطيب منافسا لرضوان في هذه المهنه ما جعل هدف ارضاء الزبائن اولوية كبيره

·    كان نظام الانطلاق من المراح صارما كنظام اقلاع الطائرات وفي مرات كنا نعود بالاغنام الى البيت ( لقيناه ناش) وهنا كان ابي يفرض علينا ان نسرح بها انفسنا كنوع من العقاب او لعدم توفر البديل

·    في مرات كنا نلحق برضوان رؤوسنا لتنضم الى شليته ويكون ذلك انتصارا ونجاة من سراحة يوم وذلك عندما يكون متجها الى الغرب او انه لم يبتعد بعد

·    في مرات كان علي الطالب يرفض تقبل الرؤوس عند تاخر دفع الاجره وبعد مماطله يتقبلها بعد يمين غموس انها ستكون اخر مره للتسامح

 

تمت

عمر المدني

مساء الاربعاء 27/6/2012

 

  1. ياالله على تلك الايام الجميلة الرائعة التي حتما لن تعود البته
    ياالله على روعة التصوير حتى على صغائر الامور لم تغفلها عمي
    رغم شقاوة طفولتكم لكن تبقى الاحلى والاجمل وفيها الخير والبركة وما أجمل مقولتك ان كل حليب الدنيا في الوقت الحاضر لا يعدل كوب حليب تسكبه يد أمي…….
    ما اروع تصويرك لدوركم - أنتم أعمامي وأنتم تتلقون الاوامر من جدي لتقليط الاغنام الى دار أبو طالب صباحا والويل لمن يتأخر ويجد الاغتام ذاهبة فسيقع على عاتقه سراحة ذلك اليوم
    لماذا لم تتطرق عمي عمر الى ان رضوان كان يسرح كثيرا في -مراح فيروز وعراق الحمر والرف - هكذا حدثني أبي
    هل تعلم أن من أدوات السراحة ومتطلباتهاشبرية أو موس كباس لانه قد تتعرض واحدة من الاغنام الى وعكة أو تسفط من عل فبالتالي يعمد الراعي البى ذبحها وبيع لحمها ما يسمى (بالعوض)
    أخيرا كل الشكر والتقدير لك عمي عمر على ما أتحفتنا به
    مؤنس الرشدان مدرسة دير ابي سعيد الاساسية للبنين

  2. كنت في الصف الرابع الاساسي في مدرسة -ام جمال الملاح - في الفترة المسائية حيث يبدأ الدوام الساعة االحادية عشرة والنصف فكنت أحيانا أذهب بالاغنام صباحا الى جهة الدباس والرق وما أن يحين وقت الدوام الا واسوقهاعائدا الى الدار من أجل اللحاق بمدرستي
    واذكر أنه اذا صادف علي امتحان تجدني أملاء جيوب ملابسي ملخصات بخطي تغطي الامتحان واسرح الاغنام حينا وأفرا حينا اخر
    ونحصل بجدنا على أعلى العلامات وأذهب بنفس رضية ارضاء لوالدي
    أرايت يا مؤنس اذا قارنتم -أنتم جبل اليوم- مع أجيال ابائكم البون الشاسع بيت الحياتين
    هكذا حدثني أبي فشتان بيننا وبينكم
    مؤنس الرشدان
    مدرسة دير ابي سعيد الاساسية

  3. - على فكره يا اخ عمرماضي جميل وعمل فيه بركه واسمه حلال وتحيه اجلال واكبار الى ابوطالب وابنه رضوان وما زلنا نذكر موسيقى الاجراس ولا ننسى الماضي والحاضر والمستقبل الاخ فيروز
    - ما زلت اذكر انني رعيت البقر والخراف والماعز مازلت اذكر بانني كنت مسوؤل وعلي واجبات كثيره من قبل ان اوعى على هذه الحياه
    - تذكرت ايام مدرسة ابو جمال الفوقا وايام الدوام الصباحي والمسائي وتذكرت اول لحظه لي في المدرسه عندما خلعت حذائي على الباب ودخلت حافي وما زلت اذكر ابتسامة اخي الكبير الذي اصطحبني واقنعني بعد جهد وعناء بان دخول غرفة الصف بحذائي شي عادي وتذكرت اجمل العابي وهي التزحلق على المواسير التي كانت موجوده فوق المدرسه وتذكرت اول مشاجره بين طالبين في المدرسه ما زلت اعرفهم كانوا في الصف الرابع واتمنى لهم الصحه والعافيه
    تذكرة الماضي الذي نعشقه والحنين اليه كان دافئا وحنونا بالرغم من صعوباته الكثيره
    - بعد هذا الوصف والتعبير والجمال يا اخ عمر فلقد احبطتني حياة (live)التي نعيشها فكل يوم اسوء من الاخر ومشاكل العالم نعلمها رغم انوفناواصبحت جزء من حياتناونتاثر ونحس بها ونشارك العالم احزانه وكاننا ناقصين (بلاوي) بالاضافه الى (بلاوينا)الخاصه التي لا تنتهي
    - لك مني كل الشكر على هذا الابداع وودي لك

  4. اسمه احمد الطالب ” ابو متعب ” وليس علي الطالب -

  5. ماضي جميل وعمل فيه بركه واسمه حلال وتحيه اجلال واكبار الى ابي طالب وابنه رضوان وما زلنا نذكر موسيقى الاجراس ولا ننسى الماضي والحاضر والمستقبل الاخ فيروز
    - ما زلت اذكر انني رعيت البقر والخراف والماعز مازلت اذكر بانني كنت مسوؤل وعلي واجبات كثيره من قبل ان اوعى على هذه الحياه
    - تذكرت ايام مدرسة ابو جمال الفوقا وايام الدوام الصباحي والمسائي وتذكرت اول لحظه لي في المدرسه عندما خلعت حذائي على الباب ودخلت حافي وما زلت اذكر ابتسامة اخي الكبير الذي اصطحبني واقنعني بعد جهد وعناء بان دخول غرف الصف حافي شي عادي وتذكرة اجمل العابي وهي التزحلق على مواسير المياه الكبيره الموجوده على ارض فوق المدرسه وتذكرت اول مشاجره شاهدتها في المدرسه بين طالبين في الصف الرابع مازلت اذكر اسمائهم واتمنى لهم الصحه والعافيه
    - احن الى الماضي الجميل وحنانه ودفئه بالرغم من صعوباته القاسيه فالحب الموجود كان يعوض كل ذلك
    - بعد كل هذا الابداع والفن يا اخ عمر فانني اصبحت محبطا من حياة(live)التي نعيشها واصبحت مشاكل العالم نشاهدها ونسمعها رغم انوفنا واصبحنا نشارك العالم احزانه ونتالم بها وكاننا ناقصين بلاوي جديده افلا يكفي مشاكلنا الخاصه والمستمره
    شكرا لك يا اخ عمر على هذا الابداع ولك ودي

  6. altابو اسامه قال:

    نعم لذلك ذكريات كثيرة جدا
    ومن باب تصحيح بعض المعلومات اقول وبالله الحمد
    اسمه نعم احمد الطالب ” ابو متعب ”
    واول من سرح هو نفسة ثم تبعة ابنة متعب وعندما التحق هذا بالجيش حل محلة رضوان ” بسبب بتر يده ”
    لكن اول من مارس هذه الحرفة ع مستوى البلد هم
    1- بوبج وابنة حسين البوبج وكانت معظم اغنامه غنم بيضاء ” نعاج وكبش كبير يقود الغنم معلق برقبته جرس كبير ويسمى المرياع وقليل جدا ” ماعز ” باللغة المصرية معييز
    2- عبدالله الخطيب وتولى عدة من اولادة هذه الحرفة وكان اخرهم عازف الكربة المشهور : علي العبدالله الخطيب ” وكان عندهم كلبان لمتابعة وحراسة الغنم واحد يقال له سمر وهو اسمر اللون والاخر بطاح : وسمي بذلك كثرة ما بطح من الاولاد
    3 - احمد الطالب ” ابو متعب ” عم طالب وخلفة رضوان عندما تقطعت به السبل بعد ان بترت يده

  7. altابو اسامه قال:

    بحكم وجود بيتنا قريب من بيت ابو متعب كنت اشاهد واسمع العديد من المصطلحات والمفردات التي تتعلق بهذا الموضوع
    استوقفتني نكتة : احد المصريين عندما عاد الى مصر قالوا له شو كنت تشتغل بالاردن فاجاب : كنت افسح معييز : ” اي كان بالعربي المفتوح يرعى الغنم : لكن اخونا جمل النهنة واعتبرها ترف بالنسبة للغنم اي فسحة على حد قولة
    للعلم جميع الرعاه كانوا بنفس الحي بوبج وعبدالله الخطيب وابو متعب في مربع واحد يسمى مثلث برمودا جنوب وشرق دار سلامه العبدالرحيم:ابومحمد ”
    معظم من مارس هذه المنهة السبقين الذكر كانوا عازفين من الطراز الاول على آلة الناي الرائعة لسببين
    تسلية للراعي نفسة والثاني اطراب الاغنام وجعلها تاكل كثيرا على انغام جفرا ويا هالرعب وغيرها مما يؤدي الى ان تدر مزيدا من الحليب : سبقنا هولندا في هذه الاكتشاف

  8. altابو اسامه قال:

    كان ابو متعب يبدا بتجميع الغنم في مراح الحشوة شمال مثلث حارة الهلاهلة ويبدا ذلك بعد صلاة الفجر مباشرة وكنت اسمع ابومتعب وهو يصلي الفجر على برندتهم بصوت مرتفع ” وهو صاحب دين : الله يرحمة ولا نزكي على الله احدا- لكن هذه شهادة حق
    كان يجلس على مرتفع على حافة الشارع وهي مشرفة على المراح
    وكان يتجمع كبار السن نعم للحديث الصباحي
    واهم واحد هو عبدالعزيز الفالح ” ابو درغام : الهليل
    وكان رجل صاحب خلق ودين وكان ضرير حيث يقوده ابن ابنه ابراهيم ابن ابو قاسم للجلوس مع احمد الطالب ابو متعب
    كان ابو متعب يعطي الايعاز لرضوان للانطلاق الى المرعى بقولة يا اله يا رضوان انشر الغنم - يبدا رضوان برمي الغنم الهاجعة بحصيات صغيرة ويعطيها الاوامر الى اي وجهة تتجة - شرقا او غربا

  9. كان معظم الناس ينادون ابو متعب بابي طالب وهذا خطأ لان طالب بكون ابن اخية المتوفي محمود الطالب لكنة تربى بكنف عمة ابو متعب ولكونه اكبر عمرا من متعب وهو الابن الاكبر لاحمد الطالب اي متعب كان يظن الناس خطأ انا طالب ابنة ولذلك كانوا ينادونة بابي طالب - احمد الطالب تزوج زوجة اخية المتوفي ام طالب

  10. اولا الحمد لله على السلامة لك ياخ عمر وكذلك الاخ ابو اسامة
    ثانيا اشكرالاخ عمر على هذة المقالة الاكثر من رائعة فنحن وان كنا نستذكر الماضي لم يخطر ببالنا يوم ذلك الموضوع فهنئيا لك هذه الذاكرة المميزة ياخ عمر لقد ذكرتنا بروائع الماضي
    ثالثا كنت متاكدا من ان الاخ ابو اسامة لديه الكثير الكثير حول هذا الموضوع بحكم الجوار فلا يفصل بين بيتهم وبيت ابو طالب سوى شارع صغير واتمنى من الاخ ابو اسامة عندما يحضر القرية لزيارة الوالدة ان يكتب لنا عن شعوره عند مشاهدة مراح ابو متعب ولو ان جزاء من تم البناء عليه من قبل ابناء الحشوة ولابد ان يتذكر عودة الغنم عندما تبدا بالتوافد من عند خروبة احمد الموسى وتستقبلها الجداية الصغار فكل صغير يركض باتجاه امه وتستقبله الام بكل حنان ولكن تستمر الام بالركض فهي بالاضافة الى شوقها للابن تشتاق ايضا للماء لاادري لماذا فانا لا اعرف المكان الذي يسرح بة رضوان سوى انه يذهب الى القبيطي وربما يخلو هذا المكان من الماء
    ونحن لم نعاني ون الذهاب لاحضار الغنم منالراعي فكانت الغنم تعرف طريقها فتعود لوحدها في مظعم الاوقات

  11. بعد التحيه
    الى الاخ ابي اسامه ومؤنس والاخرين
    اشكركم كل الشكر على المعلومات التي تنقدموها في تعليقاتكم لانها فعلا كانت غائبه عني ولم اكن اعرف بعضها
    اشكركم مرة اخرى والى لقاء قريب
    لكم مودتي

  12. altابن البلد قال:

    عندما أذكر تلك الايام الاولى من سني عمري أنا الطفل الصغير أذكر دير أبي سعيد قرية” صغيرة” يعرف كل واحد بها الآخر.قبل أحمد الطالب كان المرحوم حسن العلي من كبار ملاكي الأغنام وكان لديه راعيا” كنيته “أبو القرامي” ثم حل محله “محمد المطر”، كان حسن العلي مختارا” طيب النفس جسورا” قوي البنية. بداره المعروفة كانت مضافته والتي تصعد اليها بدرج من الحجارة قليل الارتفاع يجلس مساءا” مع أهله ومحبيه وبجانب المضافة كانت هناك غرفة العائلة، وأنت داخل الى الدار عبر البرندة هناك حنفية الماء ذات الخرطوم الاسطواني المحزز وبعدها عمود الكهرباء والذي كان يضيء العريشة بلمبته الصفراء والمحاطة بغلاف زجاجي وخلفه سلك مشبك لامع لحماية اللمبة من المطر. كانت اللمبة تضيء بالاضافة للعريشة منطقة التبان وطواقي الحمام وبعض شفق الضوء يصل الى الصيرة حيث مهجع الغنم.أتحدث هنا عن أواسط الستينيات فقد كانت دير أبي سعيد محظوظة في وصول الماء والكهرباء في ذلك الوقت المبكر وهي الوحيدة في قضاء الكورة وقتها التي تصلها الكهرباء بينما كانت الماء قد وصلت أيضا” الى العديد من المناطق.لا أزال أذكر ظبية اللبن البيضاء والشكوة الحمراء الأكبر حجما” الأولى كان يوضع بها اللبن المخيض ويبدو على ما أعتقد أن عملها كان يشبه عمل كيس اللبن الحالي أي في عملية الترشيح وتحويل اللبن من “مخيض” الى “مشخول” أما الشكوة فقد كان عملها تحويل اللبن الرايب الى مخيض وأعتقد أن الهدف الأسمى وراء ذلك هو استخلاص الزبدة والتي كانت تؤكل مباشرة على المائدة أو يقلى بها البيض البلدي، أو يتم تحويلها الى سمنة بلدية بعد أن تدخل الزبدة في عمليات تكرير أهمها غلي الزبدة مع البرغل على الببور وهذه العملية كانت تسمى “تقشيد”.واذا كانت كمية السمنة كبيرة كانت تحفض في وعاء فخاري مصقول من الداخل اسمه” الطوس”.وما دمنا بذكر تلك الحقبة فلنتذكر بعض الأسماء التي كانت مستخدمة في ذلك الوقت:
    1- الخابية وهي جرة الماء الكبيرة وكانت بالغالب غائرة داخل التربة لاعطاء الماء ما أمكن من برودة
    2-الدن وهو وعاء لحفض الزيت
    3-الكوارة وهو بناء طيني ثلاثي الاوجه يشكل مع أحد جدران غرفة العائلة مكانا” لتخزين الحبوب وهو مقسم الى ثلاثة أقسام أو أربعة بأسفل كل قسم طاقة صغيرة مغلقة بقطعة تكون بالعادة من لباس قديم تزاح بحذر ليسمح بالنوع المرغوب من الحب بالنزول
    4-الصنية وهي وعاء من “قصل” القمح نصف كروي يستخدم لنقل الحبوب أثناء عمليات الاستخدام وتتسع الى حوالي 10كغ
    5-القبعة وهي من القصل أصغر حجما” من الصنية
    6-المنسفة وهي وعاء مسطح مصنوع من القصل أيضا يشبه صينية الالمنيوم الحالية وكان يستخدم لوضع الخبز بعد اخراجه من فرن الطابون
    7-الصدر وعاء دائري مصنوع من القصل الملون كانوا يشترون الصبغة من دكانة عيد الكردي أو أبو كايد وكن للصدر استخدامات متعددة منها الزينة حيث يعلق بواسطة مسمار على أحدى الموالي أو يستخدم لوضع المنسف خصوصا” اذا جاء ضيف مهم وهناك صدر أصغر كان يستخدم لوضع المائدة عليه.
    8-الفرن والمقصود به فرن الطابون وكان يصنع محليا” عن طريق نسوة ماهرات يجلبن التربة الخاصة به من المنطقة الغربية المسماة”خلة ابو الخراف” ومن أجزاء الفرن الرئيسية: الصمامة، بيت النار، المقحار، وهناك أداة اخراج الخبز من الفرن وتسمى: المقلاع ومكنسة صغيرة ناعمة لتنضيف الفرن بين الحين والآخر ولا بد من وجود شرش قديم موجود داخل الفرن تلبسة المرأة على عجل كي لا يتسخ ثوبها الاصلي وهذا الشرش كان بمثابة سبيل اي تلبسه أي امرأة ترغب بذلك.ولم يكن لكل عائلة فرنها الخاص مما كان يجبر الكثيرين على الذهاب لمن يملكونه وهنا أشير الى نقطتين : الاولى أن الناس في ذلك الزمن كانوا من الطيبة والتسامح ما يشجع الآخرين على طلب أيا” من متطلبات الحياة دون احراج أو تردد والنقطة الأخرى هو أن من كان يستخدم الفرن من الجيران كان يساهم بعملية رئيسية وكبرى تسمى”تزبيل الفرن” وهو وضع زبل الغنم بعد الانتهاء من آخر عملية خبز وكان الزبل يوضع فوق ما تبقى من جمر آخر عملية خبز. دخلت تحديثات على عمليات الخبز فجأة وهذه العملية هي : ألخبز الرضافي حيث توضع بعض من حصى السيل الملساء في أرضية الفرن لينطبع شكل الحصا على رغيف الخبز وهنا لا بد من ذكر معلومة هامة وهو أنه بمجرد التحول الى الطريقة الرضافية يصبح الفرن خاصا” باستعمال الاسرة فقط ولا يمكن استخدامه من قبل الآخرين. حدث ذلك أمامي وانا طفل صغير ؛ فعندما طلبت احدى الجارات من أمي أن تخبز كالمعتاد اعتذرت لها امي وأخبرتها بأن الفرن قد تم تحويله الى رضافي وعندها تفهمت الجارة ذلك ولم تغضب قط لانه من المؤكد وجود سبب يمنع الاستخدام العام لفرن الرضافي وهو مالم أفهم سببه حتى اليوم.

    أذكر حليب “اللبا” الرائع الذي كانت تحلبه العنزة أو النعجة بعد الولادة ولا يستمر أكثر من يوم أو يومين . لا زلت أذكر طعمه الذي يحار المرء في وصفه اضافة لاحتوائة على عناصر غذائية هي الاهم على الاطلاق كما كنت أسمع يومها.

    كانت مناطق الرعي الغربية من دير ابي سعيد هي الاخصب فمن طريق العجال الى السقاية وصجير والسلم والدباس والجرد وصولا” الى السكايين وهي منطقة زراعية ورعوية تضم مناطق : الجورة الحمراء والمشماس وظهير حمار وشلخ ومطلع الشمس والعريض وشعوب الحجي وغيرها. انني اذ اذكر هذة المناطق من دير أبي سعيد دون سواها وذلك لانني مكثت في تلك البقعة المحددة من بلدتنا الحبيبة طيلة سني طفولتي الاولى ليس الا. واني لارجو من كل من كان يقطن في منطقة أخرى أن يدون ما يعرفه عن تلك الحقبة من تاريخنا لنشكل بمجموع ما نكتبة صفحة كاملة من تاريخنا المجيد.

  13. شكرا يا ابن البلد يا اصيل

  14. altابن البلد قال:

    ألاخ العزيز ابو اسامة
    تحية خالصة وبعد:

    قرأت تعليقاتك الرائعة على مقالة “المجوز” والتي كتبها الأخ عمر الممدني من قبل وأبدع بها، واني اخترت أن أعلق على تلك المقالة هنا لأن القراء يتابعون المقالة الأخيرة أكثر من سابقاتها.

    1- لقد تم التركيز بشكل خاص على الحراوية وفرقة الحبل المودع وقائدة الفرقة عايشة وبعد الرجوع الى أرشيف الذاكرة وجدت هذه الأحداث قد جرت في قرية الزمالية ولا علاقة للحراوية بها وتحضرني هنا قصة عطر “البروفيسي” وقد تكون احداث مشابهه قد جرت بالحراوية ولكن لم نكن لنطلع عليها لانها قرية بعيدة بمقاييس ذلك الزمن ولا تقع على طرق مواصلاتنا، وأنت تعلم أن وسيلتي النقل يومها كانتا: قلاب ضيف الله العطروز الأحمر اضافة الى “ترلة” حمد العبدالكريمم،وكان خط سيرهما الى الغرب أي باتجاه الزمالية.
    2- كانت المياة الزائدة والمتدفقة من عين البيضا وراس الممي يومها غزيرة قبل أن تضعف هذه الأيام وكانت تشكل قناة ماء تخترق الزمالية منحدرة من الشرق الى الغرب وتصل بعدها الى البيارات والفائض منها يصب في قناة الغور. هذه القناة كانت تستغل للزراعة وأحيانا” للغسيل وفي بعض المرات كان يرتفع منسوب المياه قليلا” ليصعب المرور منها ومن هنا جاءت العبارة المشهورة ” الكديش وطز بالقناة ”

    تحياتي للجميع

  15. بعد التحيه
    ان ظهور تعليقات ابن البلد والاخ ابو اسامه والاخرين اضافوا لي مشكورين معلومات قيمه وكثيره
    لهم مني جزيل الشكر

  16. altابو اسامه قال:

    احبائي الاعزاء قراء ومتابعي هذه المدونة الرائعة
    احس بالفخر والنشوة عندما اقرا تعليقاتكم الاكثر من رائعة وانبسط - لاني في لحظات ما احس ان الفيس بوك وتويتر والهاتف النقال اللعينة - قبحها الله - قد اجهزت على كل ما هو جميل والى الابد
    لكن احس ان الخير لا زال موجود في الجيل المتوسط جيلنا نحن
    احس بالعار والخزي عندما ارى شباب اليوم
    فليس له ماضي وليس له حاضر ولن يكون له مستقبل
    سالت احدهم عن ذكرياته فاجاب فيس بوك سالتها عن العابه اجاب بالهاتف النقال
    اصبحت الحياة المعاصرة بلا طعم ولا لون ولا رائحة
    وهذه هي العولمة اللعينة القضاء عللى تراث الامم وخصوصيتها المميزة
    بعد 20 سنة- وربما اقل - اتوقع لن يكون اي فرق بين خربة نائية في لواء الكورة واي مدينة نائية في اوكرانيا مثلا
    سوف تلبس البنات نفس اللباس ونفس الافكار ونفس العادات ونفس التقاليد وووووووووووو الخ
    ويصبح العالم بلا اي نكهة مميزة اطلاقا
    اسف للخروج عن الموضوع لكنة شجون الماضي وحقارة الحاضر ورداءة المستقبل - والله اعلم

  17. عمر بارك الله فيم مؤرخا لتاريخ دير ابي سعيد وشخصياتها صدقني ان كل كلمه اقرئها في مدونتك ترجع بي الى تلك اللحظات واعيشها مره اخرى العزيز عمر المدني اتمنى عليك كتابة مقال عن ايام الملعب ايام عز كرة القدم بدير ابي سعيد وتيسير الخطيب ونظاراته الي كان يربطهن بمطاطه اخوك محمد جويعد ولا تنسى صديقك صالح جويعد

  18. الاخ عمر مشكور على جهودك وان كان هناك بعض الاخطاء الاملائية او الاخطاء التقنيه ان جاز التعبير عن ورود بعض الاخطاء بالاسماء او ارتكاب بعض المعلقين اخطاء اعتقد غير مقصوده بكتابة الالقاب وليس الاسماء لشخوص في تأريخ فترة مهمة من تاريخ بلدتنا العزيزة.فقد يستاء البعض من اهل هؤلاء ويلومونك على ذلك وآمل من بقية الاخوان البعد عن التجريح في هذه المدونة المحترمة.مع تحياتي للجميع

  19. altمحمود بني حمد قال:

    حقيقة رائع

 


استضافة مجانية من موقع مدونات عبر ! | الموقع غير مسؤول عن محتويات المدونة، فقط صاحب المدونة يتحمل كامل المسؤولية عن مضامينها | التبليغ عن مخالفة- Report copyright abuse | سياسة الخصوصية |نسخة الموبايل