(مطحنة الشرايط)…عمر المدني(الرشدان)…دير ابي سعيد
كتبهاعمر المدني ، في 30 تشرين الثاني 2010 الساعة: 14:21 م
بقايا صور…..مطحنة الشرايط
كالطيور المهاجرة ، لا تخطىء ميعادها (ميقاتها)…………… في اوائل حزيران ، تحضر الى اطراف القريه ، يجرها تراكتور قديم ، تخلى عن لونه الاصلي ، فبان لنا الة غريبة ، مغطى بزغب قماش قديم ، متراكم منذ زمن طويل
يجلس على احدى صاجاتها الحديديه البارزه ، شاب معتوه او خيل لنا من منظره انه هكذا ……
يقود التراكتور رجل طاعن بالسن ، اشيب ، اغبر ، ممزق الثياب ، حتى لتراهن انه مشرد ، وهذا هو بيته الدائم الترحال ، وقد تخاله انه وجراره الهرم توامان.
يصل الخبر من فم طفل يجري بسعادة عارمه صائحا ان المطحنة وصلت……… امي والنساء يجهزن اكياس النيلون المحشوه ، بجاكيتات جيش منزوعة الازره ، بناطيل مقلمه حررت من سحاباتها ، فانيلات عسكريه مثقوبه، لفحات بايرة اللون ، فساتين منكمشة نسختها موضة اخرى فركنت على رف النسيان ، ناموسيات عادية وعسكرية انتزع حلقاتها الحديديه (الفتخات) لاستخدامات اخرى……….. بعد ان تريح النساء حمولتهن الى جانب المطحنه ينبري السائق لاعداد ميزانه البدائي ، بذلك الخطاف الحديدي الملتصق الى مؤشر يشير الى ارقام غير مقروءه.
تبدا المراة الاولى بتقديم كيسها الى الشاب المعتوه الصامت ، الذي تعلو اجفانه خيوط ناعمه ملونه كهدب الاشمغه……….. يبدا بتغذية قم المطحنه ، بعدما يكون قد اشكل كيسا فارغا الى مزرابها القماشي باحكام …….
كان يحتاط الى جانبه على سطل فارغ ، ليجلس عليه الاكياس القصيره تحت المزراب……………. يلقم المطحنة قطعة قطعة ، وهو مبلس ، وشارد الذهن ……كانت اذنه اليسرى الضامره تشد انتباهنا ، وتؤكد لنا انه معتوه .
في كل قطعة يحشوها الى بطن المطحنه النهمه ، كان صوت التراكتور يغص ، كانه يتقيا ثم يعود الى وتيرته الاولى.
الرجل الاشيب ، يبدل من مكان وجوده…….. يدور حول التراكتور المتهالك ، ناظرا الى نقاط الزيت المتسربه من محركه ، راسمة بقعة داكنة على الارض……. يصعد الى مقعده ويحرك قطعة كبيره منتصبه من جسم التراكتور، ثم يلف بجذعه الى المطحنه ليرى اثر حركته على سير العمل ، فتلتقي اعينه باعين المعتوه كاشارة على التوافق و الاقرار……. ينزل الى الارض ، ويسند ظهره الى جدار طيني ، ثم يبدا بالخطرشه بعود يابس على جلد الارض ، راسما اشكال لامعنى لها..
تنتهي المراة الاولى ، يقف الكهل ، يشبك الكيس بالكلاب ، ويطلق كلمة واحده فقط متكرره ( ربع دينار)
نعود حاملين الكيس الى بيتنا ، نفرغه فتتكور امامنا كومة من الخيوط الملونه ، تنفش امي الكومه استعدادا لصناعة مخدات ، وفرشات ، واشياء اخرى.
نعود الى المطحنة التي تثرثر بلا انقطاع ، وعند الغروب تنسحب متجهة الى الشرق ……….الى اين ، لا ادري.
نرشقها بحجارة صغيره ، ولا نستطيع ان نجزم باننا اصبنا معدنها الحديدي ، لان ضجيج التراكتور وصريره ، طاغ على كل شيء……
بعد هذا العمر ، عاجز عن معاتبة امي ، انها لم تكن تطحن خيوطا وقماشا، بل عرق عمر ، وذكرى ايام..
تمت
عمر المدني
صباح يوم الثلاثاء
23/11/2010
الساعه 4:50من صباح يوم الثلاثاء
نوفمبر 30th, 2010 at 3:15 م
من أين لك هذا الارث التراثي عم عمر؟؟
وأنا اقرأ هذه المدونة الجميلة دارت بي رحى الزمن
الى نيف وعقدين من الزمن حيث صورة مظحنة الشرايط وكأنها أمامي الان
ذكرتني مدونتك بمقولة للجاحظ ( أن المعاني مطروحة في الطريق والعمدة في صياغتها بقالب لفظي جميل) فها أنت قد صغتها بروعة وحلة جميلة شكرا لك …..
نوفمبر 30th, 2010 at 3:33 م
يا سلام عليك يا عمر
كيف جاءت الى ذاكرتك وكتبتها بهذه الطريقه؟
انت موهوب من الطراز الاول
بارك الله فيك
نوفمبر 30th, 2010 at 4:10 م
احسنت عمر بهذا الوصف الدقيق الذي يعكس روحك الرقيقه وبلاغتك الرائعه
نوفمبر 30th, 2010 at 4:39 م
تحياتي لكاتب جميل بكل شيء
نوفمبر 30th, 2010 at 6:30 م
سلام عمر.
تكتب اليوم عن مطحنة الشرايط وكم اعجبني وصفك لها بالرغم اني لا اعرفها فسحرتني كلماتك واعدت قراءة المقال اكثر من مره فتبلورت المطحنه كاني اعرفها
نوفمبر 30th, 2010 at 6:38 م
يا عمر كيف تستطيع ان تعطي لكل موضوع طعم مختلف؟
بحيث يكون مميزا
يسلم قلمك يا عمر
نوفمبر 30th, 2010 at 6:39 م
حاولت ان اترجم ما كتبت على الجوجل ولم افهم من الترجمه شيء وهذا اكد لي بان الكاتب يكتب بقلبه لا بقلمه
نوفمبر 30th, 2010 at 7:46 م
اخخخخخخخخخخخخ منك يا عمر كل يوم بتحضر موضوع كل الناس ناسيته….انت فريد من نوعك
تسلم يا اجمل قلم وصاحبك
نوفمبر 30th, 2010 at 7:47 م
مره عن السعن ومره عن البابور واليوم عن المطحنه
موسوعه ما شاء الله
نوفمبر 30th, 2010 at 9:14 م
كيفك عمر…
انا بعرفها كويس المطحنه ولكن انت كتبت عنها بطريقه قنيه وجميله خلتني اراجع صورتها بعقلي
سلمت لنا
نوفمبر 30th, 2010 at 11:55 م
تبقى استاذ عمر منفرد بجمال البلاغه والوصف
ديسمبر 1st, 2010 at 12:09 م
تحياتي عمر
اعجبتني كلماتك لانه عندنا هان ما فيه مطاحن
ولكن الصوره قربت الفكره..
تحياتي لك
ديسمبر 1st, 2010 at 12:10 م
كنت ارديد اسالك هل ما زالت تعمل ام لا
ديسمبر 1st, 2010 at 12:11 م
اخبر وياكو الات لتكسير الحجار كنت في الاردن وعاينتهن هناك
ديسمبر 1st, 2010 at 4:49 م
” نرشقها بحجارة صغيره ، ولا نستطيع ان نجزم باننا اصبنا معدنها الحديدي ، لان ضجيج التراكتور وصريره ، طاغ على كل شيء……”
ماذا استطيع القول؟
لوحه بحد ذاتها
ديسمبر 1st, 2010 at 7:42 م
ضحكتني من قلبي…..انت عظيم يا عمر
ديسمبر 1st, 2010 at 8:33 م
عن جد اصبحت ملازم لحياتي واحلامي وانت بعيد عني
ديسمبر 1st, 2010 at 9:10 م
كلماتك ساحره بمعنى السحر على قلبي
ديسمبر 2nd, 2010 at 8:47 ص
الله عليك يا ابن دير ابو سعيد لما تتجلى معك
ديسمبر 2nd, 2010 at 9:02 ص
كلماتك تعصف قلبي من الداخل يا عمر
ديسمبر 2nd, 2010 at 9:03 ص
شكرا انك عرغتني على المطحنه
ديسمبر 2nd, 2010 at 9:03 ص
باي سنه كانت هذه يا عمر؟
ديسمبر 2nd, 2010 at 11:25 ص
كم انت دقيق في تقريب الصوره واشكرك انك مسحت عن تلك الذاكره غبار مايسمى الحضاره والتقدم .فشكرا لك انك عدت بي الى سنوات التعربش على ذلك التركتور الجميل .الى الامام اخي عمر .مأمون الزعبي (ابو الياس )
ديسمبر 2nd, 2010 at 1:53 م
الله يقويك على هذه الكلمات وحتى انا ما بعرف شنو المطحنه..يعني كانت تعمل صوف؟
ديسمبر 2nd, 2010 at 1:55 م
والله يا استاذ عمر انه كل شيء تبدل
ديسمبر 2nd, 2010 at 2:00 م
اتمنى منك ان ترصد التراث خوفا من الضياع لانك دقيق بالوصف
الله يقويك ويمدك بالعافيه
ديسمبر 2nd, 2010 at 3:05 م
تعودت على على كلماتك الرائعه
ديسمبر 2nd, 2010 at 3:06 م
هل انت يا عمر تبحث عن القديم؟
ام صدفه؟
ديسمبر 2nd, 2010 at 3:50 م
هاجرت مع كلماتك الجميله الى عالم اصبح منسي….
انت يا عمر تحفه
ديسمبر 2nd, 2010 at 3:53 م
هاجرت مع كلماتك الجميله الى عالم اصبح منسي…..
انت يا عمر تحفه
ديسمبر 2nd, 2010 at 3:55 م
الجميل بالكتابه انه احيانا لا تعرف شيء عن الموضوع لكن الكلمات لها روح بحيث تخلق الصوره بشكل متحرك
مبدع
ديسمبر 2nd, 2010 at 4:08 م
بتعرف يا عمر انه مقال بساوي مليون كتاب من هالمعروضات على الفاضي
على الاقل فيه شيء تراثي اما الكتب فهي معظمها كلام بسد النفس
خليك استاذ عمر هيك زودنا بهالشغلات الحلوه
بالتوفيق
ديسمبر 2nd, 2010 at 4:20 م
تسحرني
ديسمبر 2nd, 2010 at 10:54 م
سلام عمر
ما بعرفها ولكن بابا شرح لي عنها وحكيت انه عمر كاتب عنها ففرح وقريت له المقال فضحك اكثر ويهديك السلام
ديسمبر 3rd, 2010 at 7:54 ص
الاستاذ عمر الرشدان المحترم
تفيض علينا من بحر جودك ايها الانســـان الراقـى
ما ان تكتب عن شي الا ان توقظ فينا الماضي الجميل
فاصبحت مقالاتك كالبشائر تفرح القلب في زمـــن
الضنك والكبد والهم 0فـجزاك الله كل خـير0
مهما وصفناك لا نستطيع000 يكفيك ما في قلوبنا
من محبة وتقدير0 حـــــــماك الله ورعاك
والي لقاء قريب
ديسمبر 3rd, 2010 at 12:20 م
الاستاذ عمر
صباح الورد
بتحكي عن اشيا للمرة الاولى بعرفها بجد,يمكن لان طبيعة الحياة بالمدنية بتخلف عن الضيعة.
شكر للمعلومة بالنسبة الي.بس اكيد هيدي ما عاد في منها بايامنا؟
بتمنى لك كل الخير.
ديسمبر 3rd, 2010 at 12:49 م
” في كل قطعة يحشوها الى بطن المطحنه النهمه ، كان صوت التراكتور يغص ، كانه يتقيا ثم يعود الى وتيرته الاولى.”
صورة جميله جدا
ديسمبر 3rd, 2010 at 1:04 م
صور وكلمات تجمعن في بركه بالوان كانها تتحرك بريشتك يا فنان
ديسمبر 3rd, 2010 at 1:05 م
شكرا عمر انك عرفتني على هذه المطحنه دون ان اراها
ديسمبر 3rd, 2010 at 1:07 م
الله يجازي بلايشك يا عمر
…منين دورت على المطحنه
..يا الله ما ارقاك
ديسمبر 3rd, 2010 at 1:10 م
مرحبا عمر
عم بطلع على الصوره ولقيت التاريخ عليها حديث
تقصد انها مهجوره وانت الذي التقطت الصور لها؟
ديسمبر 3rd, 2010 at 1:15 م
يا سلام عليك وانت تعيد ترميم الماضي بكلمات عميقه وجميله ايها الجميل
سلمت يا عمر
ديسمبر 3rd, 2010 at 1:17 م
يا سلام عليك وانت تعيد ترميم الماضي بكلمات عميقه وجميله ايها الجميل.
سلمت عمر
ديسمبر 3rd, 2010 at 1:17 م
بقايا صور ولكنها بقايا فعلا جميله
ديسمبر 3rd, 2010 at 1:18 م
همت بكلماتك وصحوت فوجدت انا هناك على الارض اناس تحبهم وانت لاتراهم
ديسمبر 3rd, 2010 at 1:27 م
مرحبا استاذ عمر
…ما زالت في حارتنا واليوم ساخرج لاراها واتمعن بها
ديسمبر 3rd, 2010 at 2:01 م
تعذبني بكلماتك لانك تاخذني الى عالم جميل اصبح ذكرى
ديسمبر 3rd, 2010 at 2:13 م
سلام عمر
كانت تطحن بالحصن قبل فتره طويله وبعدين اختفت
..وبعدك ذاكرها
…ذاكرتك قويه وجميله
ديسمبر 3rd, 2010 at 2:17 م
“الرجل الاشيب ، يبدل من مكان وجوده…….. يدور حول التراكتور المتهالك ، ناظرا الى نقاط الزيت المتسربه من محركه ، راسمة بقعة داكنة على الارض……. ”
ماذا اقول؟
عاجز عن القول
هذه الكلمات لوحه بحد ذاتها
سلام لك ولكل الاردن
ديسمبر 3rd, 2010 at 2:33 م
يا رجل والله انك انسان يتنحب من القلب لانك اصيل
ديسمبر 3rd, 2010 at 6:08 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رجال في الذاكرة / نسر اردني وزيتونة من زيتوناته المضيئة الشهيد البطل الرمز
وصفي التل
ادراج جديد على مدونة نبض الاردن على الرابط التالي :-
http://pulsekordan33.maktoobblog.com/275/%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D9%83%D8%B1%D8%A9-%D9%86%D8%B3%D8%B1-%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D9%86%D9%8A-%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%B2/
ديسمبر 3rd, 2010 at 8:33 م
سمفونيه رائعه منك اخ عمر
مدونه جميله بكل معنى الكلمه
استوقفتني كثيرا وانا اقرا هذه الكلمات الكبيره والجميله
اخ عمر انت كاتب تستحق كل الاحترام وسابقى على اتصال بكلماتك الرائعه
ديسمبر 4th, 2010 at 5:10 ص
السيد المحترم كاتب المقال شكرا .
اراني اقف في الزرقاء في الساحة الى بجنب المسجد واراني اشاهد النساء تقف طابور لطحن الشرايط . لو اقسم ان لونها كان ازرق هذة ذاكرة من عام 1965م . السيارة قديمة جدا حمراء .. صاحب المطحنة اشيب بشوارب صفراء من الدخان .. اجش الصوط ..شكرا على الذاكرة الجميلة
شكرا
عربي/بسام
ديسمبر 8th, 2010 at 5:11 م
ذكرتني بالماضي الجميل والايام الحلوه ياابن العم اهاه على الايام الخوالي الا ليت الزمان يعود يوما الى الامام من الذكريات الحلوه
فبراير 9th, 2011 at 12:16 م
الرجاء لسيد عمر تزويدني ببعض المعلومات عن مطحنة الشرايط لانني اعمل بحث عن المطحنة، if you can please send me you email to talk more in details
Many thanks